بينما يشكل شهر رمضان فرصة بالنسبة لبعض المغاربة للإقلاع عن الكثير من العادات والممارسات السلبية، حيث يتفرغون للصيام والصلاة والإقبال على المبادرات الخيرية، فإن الأمر يختلف بالنسبة للبعض الآخر، حيث كشفت إحصائيات « غوغل تراند » عن ازدياد إقبال بعض المغاربة على البحث عن الأفلام الإباحية خلال رمضان، في تناقض صارخ مع ما يفرضه شهر الصيام من إمساك عن الشهوات، خاصة المحرمة.
أماطت إحصائيات « غوغل تراند » اللثام عن سلوك متناقض لبعض المغاربة خلال شهر رمضان، يتمثل في الارتفاع الملحوظ لنسبة البحث عن الكلمات الجنسية عبر محركات البحث.
وتبين معطيات « غوغل » أن بحث المغاربة عن المحتوى الجنسي تراجع في الأيام الأخيرة من شهر شعبان وانخفض إلى أدنى مستوى خلال ليلة فاتح رمضان، قبل أن يعاود الارتفاع ابتداء من اليوم الثاني من شهر الصيام.
وبينما يكاد يكون البحث عن كلمتي « جنس » و« بورنو » شبه منعدم خلال ساعات الصيام، فإن المنحنى –حسب إحصائيات غوغل تراند- يبدأ في الصعود منذ الساعة الأولى التي تلي فترة الإفطار، وبالضبط من الساعة الثامنة مساء، قبل أن يواصل المنحى التصاعدي ابتداء من الساعة العاشرة، وهي الفترة التي تلي أداء صلاة التراويح، لتصل ذروتها ما بين الساعة الواحدة والثانية صباحا، ثم تتراجع تدريجيا إلى أن تختفي عند الساعة الخامسة، التي تمثل وقت الإمساك قبل حلول موعد الفجر.
وفضحت المعطيات ذاتها أكثر الكلمات التي يستعملها المغاربة خلال بحثهم عن المحتوى الجنسي، حيث جاء في صدارة اهتمامات المغاربة الفيديوهات عالية الجودة، وأفلام المثليين، والبحث عن كلمة جنس مرفوقة بوصف « كبير »، إضافة إلى تحميل ألعاب جنسية، وقصص جنسية مصورة.
وبالاستناد إلى التوزيع الجغرافي للباحثن عن الجنس، كشفت الإحصائيات ذاتها عن المدن والمناطق المغربية التي يبحث سكانها أكثر عن الكلمات الجنسية.
وعلى سبيل مقارنة المغرب مع دول عربية وإسلامية، أجرينا عبر موقع الإحصائيات ذاته أبحاثا في كل من المملكة العربية السعودية ومصر والجزائر، تمحورت حول قياس نسبة بحث مواطني هاته البلدان على كلمتي « جنس » و« بورنو » خلال الفترات نفسها التي أجريت حول المغرب. وبدا لافتا من خلال النتائج أن سلوك البحث عن المحتوى الجنسي، الذي يتناقض مع ما يقتضيه شهر الصيام من ابتعاد عن « المحرمات » من طرف الصائمين، ليس حكرا على المغاربة فقط، وإنما يمارسه أيضا مواطنو الدول التي شملها البحث، وبنسب تكاد تكون متشابهة.
شغف الجنس والشبقية
« تدل هذه الإحصائيات على الشغف الكبير لدى المغاربة والعرب بالجنس »، يقول عالم النفس وعالم الاجتماع الدكتور عبد الجبار شكري معلقا على بيانات « غوغل تراند »، قبل أن يستطرد موضحا هذا الشغف يدفع أصحابه ليصبحوا « أكثر شبقية سيكولوجية في التعلق بالجنس حتى خلال شهر رمضان الذي يفترض الامتناع خلاله عن مثل هاته الأمور ».
تحليل هذا الخبير يلقي الضوء على بعض الجوانب النفسية والاجتماعية التي قد تكون وراء هذا السلوك المخالف للتوجهات الدينية التي تحث على تجنب الشهوات الجنسية، خاصة المحرمة، خلال شهر الصيام.
إقرأ أيضا : “غوغل” يفضح إقبال مغاربة على المواقع الإباحية في رمضان
ويمضي الدكتور شكري في تفسيره لما يصفه بـ »التعلق الشديد بالجنس »، قائلا: « كل ممنوع هو مرغوب فيه، بمعنى أن الجنس هو كل اهتمام الانسان العربي والمغربي. فليس لديه انشغالات أخرى يهتم بها أكثر من الجنس ». وكنتيجة مباشرة لهذا الوضع، حسب تحليل الدكتور شكري، فإن الجنس سيحتل « المرتبة الأولى من أولويات الإنسان المتعلق بالجنس، بينما تأتي انشغالاته في المرتبة الثانية ».
ويعكس هذا التحليل بشأن ارتفاع معدل البحث عن الجنس خلال فترة الإمساك عن الطعام والشراب خلال ساعات النهار تأكيدًا على انشغال الفرد بالجوانب الجسدية واللذة خلال فترة الصوم، عوض التفكير في الروحانية والعبادة. كما يمكن تفسير ذلك بأن الحظر والتقييد قد يزيد من رغبة الأفراد في ممارسة الممنوع/المحرم، مما يؤدي إلى زيادة الاهتمام بالمواضيع الجنسية باعتبارها أكبر « طابو » يناقض الصيام.
الحرمان الجنسي والبحث عن الاشباع
خلال تشخيصه لأسباب ارتفاع البحث عن الجنس الافتراضي في رمضان، يشدد عالم النفس وعالم الاجتماع عبد الجبار شكري على أن « درجة شبقية الجنس السيكولوجية هي مرتفعة دائما، سواء خلال شهر رمضان أو خارجه ». ويرى أن ارتفاع نسبة البحث عن الجنس خلال شهر الصيام مرتبط بـ »زيادة الحرمان الجنسي، خاصةً بين العزاب الذين قد يجدون خلال شهر رمضان صعوبة في العثور على منافذ لتلبية احتياجاتهم الجنسية، مما يدفعهم إلى البحث عن الإشباع الافتراضي من خلال مشاهدة الأفلام البورنوغرافية ».
ويعزو الدكتور شكري ارتفاع البحث عن الجنس في رمضان أيضا إلى التأثيرات الثقافية والاجتماعية التي تشجع على التحرر الجنسي، مثل « الاختلاط التلقائي بين الجنسين في الأماكن العمومية، في الشارع والمقاهي، وهو ما يزيد من الرغبة الجنسية عند الطرفين فيتم اللجوء الى المواقع الإباحية ».
ويختم عالم النفس وعالم الاجتماع تحليله بالتأكيد على أن التأثيرات الثقافية والاجتماعية التي تشجع على التحرر الجنسي من خلال إبراز المفاتن الجسدية، يمكن أيضا أن تسهم في زيادة الرغبة الجنسية وتحفيز الفرد على البحث عن المواد الإباحية كوسيلة للتفريغ والاستمتاع.
The post لماذا يبحث المغاربة بكثرة عن هذه الكلمات مباشرة بعد الافطار في رمضان ؟ appeared first on أريفينو.نت.
إرسال تعليق