سوسيولوجي لـ”كشـ24″.. عادة “حق الملح” تقدير لجهود المرأة في رمضان وتعبير عن الامتنان

تعتبر “حق الملح” عادة مغربية، وتعبر عن اعتراف وتقدير لتضحيات النساء خلال شهر رمضان، حيث يقدم رجال الأسرة هدايا لهن أواخر شهر رمضان الفضيل أو صبيحة يوم العيد كنوع من العرفان، وهي قيمة من قيم المغاربة الأصيلة، متأصلة في الثقافة المغربية، تحيل على أخلاق الكرم والعطاء والوفاء والتودد بين مكونات المجتمع عامة وبين أفراد الأسر، وتحمل هذه العادة تسمية “حق الملح” أو “التكبيرة” كما يطلق عليها البعض.

وبهذا الخصوص قال الاستاذ الباحث في علم الاجتماع علي الشعباني في تصريح لـ”كشـ24″، أن عادة “حق الملح” هي مسألة رمزية مستقاة من الثقافة المغربية العريقة، على اعتبار أن هذه العادة يتوخى من خلالها تمتين العلاقات، “بيننا ملح” و”بيننا طعام”، هي عملية كان المغاربة قديما يوطدون بها علاقاتهم مع بعضهم البعض، وتأخذ هذه العادة رمزية كبيرة في روابط المجتمع المغربي القديم.

ويضيف الشعباني أن هذه العادة توارثها المغاربة من الثقافات القديمة جدا من المجتمع المغربي، الذي كان يعطي قيمة أساسية جدا للطعام وللعشرة والتقارب الذي يمثله الطعام، لذلك لا يمكن للشخص أن يدخل إلى بيت الأسرة المغربية دون أن يُقدَّم إليه طعام، لأن الطعام يسري في الجسم وفي الدماء، ومعنى ذلك أن دماء المشتركين والموحدين على مائدة واحدة امتزجت بالطعام نفسه فأصبحوا كتلة واحدة، “تشرْكنا الطعام”.

ويسترسل الباحث في علم الاجتماع، معتبرا أن “بيننا الملح” أو “بيننا طعام”، هي بمثابة التزام شفهي ضمني، لصيانة العهد بين متقاسمي الطعام، ويروم حول عدم خيانة أو غدر طرف لآخر، وهذه التمثلات اقتبسها المغاربة من ثقافتهم القديمة والتي لازالوا يحتفظون عليها وتمثل رمزية عميقة جدا إلى جانب وسائل أخرى في العلاقات المغربية التي تساعد على التقارب وعلى الإخاء وعلى صيانة العهد بين الناس.

ويخلص الشعباني في اتصال هاتفي، حول ما يعرفه المغاربة، بخصوص هذه العادة أنها متجذرة في المجتمع المغربي لكنها لا يمكن أن تغيب عن بعض المجتمعات المماثلة خاصة دول شمال افريقيا وبعض الدول العربية الإسلامية التي تتميز بالضيافة والكرم وبالرغبة في التقارب والمودة، واعتبر محدثنا عادة “حق الملح” أنها عادة جد قديمة ولازالت مستمرة وحية في العديد من الأوساط الاجتماعية المغربية، حيث أن بعض الأئمة في المساجد يذكرون المصلين بالحفاظ عليها، مشيرا إلى أن هناك من يقدم لزوجته قطعة ذهبية أو فضية أو يهديها عمرة وكل ما من شأنه إدخال السرور عليها.

Post a Comment

أحدث أقدم