تجديد نخب وحكامة تنظيم.. الوصفة الجديدة للبام في موسم سياسي مطبوع بـ”الجفاف”

في برقية التهنئة إلى فاطمة الزهراء المنصوري بمناسبة انتخابها منسقة للقيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، أكد الملك محمد السادس أن هذا الانتخاب، “يعكس أيضا المقام المستحق الذي أضحت تتبوأه المرأة المغربية، في مختلف مجالات الحياة الوطنية، ولاسيما على الصعيد الحزبي،  والتي عمل حزبكم على تبويئها المكانة التنظيمية اللائقة به”.

المنصوري تعتبر أول امرأة تقود حزب “الجرار”، وقبل ذلك أول امرأة تترأس مجلسه الوطني لولايتين متتاليتين، قبل أن تخلفها في هذه المهمة، البرلمانية نجوى ككوس والتي اعتبرت أن الثقة تكليف كبير، موردة بأن برلمان الحزب هو أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر، وله صلاحيات واسعة.

“ينتظرنا الشيء الكثير، ولادة جديدة للحزب بقيادة جماعية. هذه صيغة جديدة والأكيد أن حزب الأصالة والمعاصرة سيعطي الدرس”، تشير البرلمانية ككوس في تصريح صحفي سابق، على هامش هذا “التتويج السياسي”. 

حزب الأصالة والمعاصرة يعتبر ثاني حزب سياسي ينتخب امرأة في منصب القيادة، بعد الحزب الاشتراكي الموحد والذي انتخب لولايتين متتاليتين البرلمانية نبيلة منيب أمينة عامة، قبل أن تقرر عدم الترشح في المؤتمر الأخير بسبب النظام الأساسي الذي يمنع الولاية الثالثة.

لكن انتخاب سيدتين لمنصبين قياديين في حزب “التراكتور” لم يحظى باهتمام المتتبعين، بالنظر إلى أن قضية “القيادة الجماعية” التي ابتدعها الحزب غطت على هذا “الإنجاز” في مسار الحزب، ولكن بدرجة مهمة في مسار المحامية المنصوري، عمدة مراكش، ومسار  المحامية ككوس، التي سبق لها أن تولت قيادة شبيبة الحزب، قبل أن تنال ثقة ما يقرب من 3600 مؤتمر في المؤتمر الخامس للحزب لرئاسة مجلسه الوطني.

انتخاب المنصوري منسقة للقيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، يجعلها في واجهة هذه المؤسسة الحزبية، ويكرس توجها لدى “الباميين” بضرورة تجديد النخب واعتماد مقاربة جديدة لتمين الحكامة التنظيمية، تفاعل معه الأمين العام السابق، عبد اللطيف وهبي، عدم الترشح لولاية ثانية.  

تجديد النخب، تجسد في الوجوه التي أنتجها المؤتمر الخامس، حيث إنه لأول مرة بعد التأسيس، يتم التصويت على “المنتوج الخالص” لـ”البام” لتولي مناصب القيادة، عكس المؤتمرات السابقة ومنذ التأسيس والتي كان فيه “الوافدون” من أحزاب أخرى ومرجعيات أخرى، هم الذين يقودون “الجرار”، وكان آخر هؤلاء الأمين العام السابق، وهبي والذي ترعرع في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، قبل أن يغادر ويقرر الالتحاق بـ”التراكتور”.

ومن المعروف أن كل من فاطمة الزهراء المنصوري ومحمد المهدي المهدي بنسعيد وصلاح الدين أبو الغالي، ونجوى كككوس، لم يسبق لهم أن انتموا قبل تأسيس الأصالة والمعاصرة لأي حزب سياسي.

أما “إرساء الحكامة التنظيمية”، فإن للأمر علاقة بسياق خاص يرتبط بتفجر قضية تورط قياديين من الحزب في شبكة بارون المخدرات المالي. ويتعلق الأمر تحديدا بسعيد الناصري، رئيس فريق الوداد الرياضي، ورئيس مجلس عمالة الدار البيضاء، وعبد النبي بيوي، برلماني ورئيس مجلس جهة الشرق.

هذه القضية طرحت ما أسماه البعض بخطر اختراق بعض المشبوهين للعمل السياسي، في ظل انفتاح مبالغ فيه لعدد من الأحزاب على الأعيان وأصحاب “الشكارة”، ومن أبرزها حزب الأصالة والمعاصرة، لحصد النتائج في الانتخابات.

ويراهن “البام”، في هذا السياق المطبوع أيضا بتوجه راسخ للمغرب لمحاربة الفساد، وتفجر عدد من الملفات التي أطاحت ببرلمانيين ومسؤولين جماعيين ورجال أعمال، على هذه القيادة الجماعية لتدبير شؤونه التنظيمية، بما يقطع مع مراحل “الغلو في الانفتاح على الأعيان”، وتجاوز القرار الأحادي الذي كرسه الأمين العام السابق وهبي وتسبب في أضرار كثيرة لحقت صورة الحزب في المشهد العام.   

 

Post a Comment

أحدث أقدم