إعلان “الطوارئ المناخية” في المغرب

عاد مطلب إعلان “حالة الطوارئ المناخية” إلى جدواه القديمة المتجدّدة بالمغرب، بعدما ارتأى مجموعة من الفاعلين المغاربة في الشأن البيئي أن استمرار الجفاف، بالنظر إلى قلة التساقطات في الفترات الممطرة هذه السّنة، أثّر بشكل كبير على القطاع الفلاحي، وعلى الأراضي البورية في مجموعة من المناطق، وعلى المنتوجات في الأسواق وأسعارها، وبالتالي على الجانب الاقتصادي وعلى نمو الاقتصاد الوطني.

وصار هذا المطلب “أكثر قيمة”، وفق الخبراء والجهات المهتمة بالبيئة، مع اقتراب مؤتمر الأطراف (Cop28) بالإمارات العربية المتحدة، لكون “هذه الفرصة تتيح للمغرب عرض مشاكله البيئية الموضوعية التي دفعت به إلى إعلان مطلب منتظر: حالة الطوارئ مناخيا، وبالتالي هذا سيمكن البلد من الاستفادة من التمويلات الدولية لمواجهة حدة المناخ”.

وسجل مصطفى العيسات، خبير في الشأن البيئي والمناخي، “نوعا من التأخير في إعلان حالة الطوارئ المناخية، رغم تسجيل بلدنا كوارث كثيرة مرتبطة بالمناخ، كالجفاف والإجهاد المائي والتأهب السنوي لحرائق الغابات”، موضحا أنه “حسب المعطيات والمؤشرات، فإننا انتقلنا إلى مرحلة التطرف المناخي بالمغرب والعالم، وعلى السلطات المختصة، خصوصا الحكومة، القيام بما يلزم”.

وقال العيسات إن “الآثار صارت كارثية على قطاعات حيوية كثيرة، مثل الفلاحة، بسبب الجفاف الكبير، وهذه معطيات علمية وظاهرة”، مبرزا أن “حالة الطوارئ تجعلنا على قدر من الوعي بما هو قادم وقاسي”، موردا أن “جميع السياسات المائية والفلاحية والطاقية يجب أن تنتقل الحكومة في تنزيلها وتدبيرها إلى السرعة القصوى، وأي تأخر في المراحل المستقبلية سيجعلنا نعاني كثيرا”.

وذكّر الخبير المناخي بـ”أننا مقبلون على قمة المناخ Cop28 بالإمارات العربية المتحدة، وسيكون هناك مجهود دولي كبير ومكثف لتعزيز صندوق المناخ وصندوق التّأثير المناخي الذي يدعم المشاريع المبتكرة التي تساهم في التأقلم مع التغيرات المناخية”، وبالتالي “علينا كمتضررين من دول شمال إفريقيا أن نسعى إلى استقطاب تمويلات من هذا الصندوق لاستثمارها في مختلف المجالات وتطويرها”.

من جهته، قال الخبير المناخي رشيد فاسح إن “جميع القطاعات الحكومية مدعوة في الوقت الحالي إلى اتخاذ جميع التدابير الاستعجالية والوقائية فيما يخص تدبير الماء والطاقة، ذلك أن استمرار موجة الحرارة إلى غاية نونبر الحالي كان متوقعا”، لافتا إلى أن “المواطنين المغاربة استبشروا خيرا بالزخات المطرية التي عرفتها عديد من مناطق المملكة خلال أكتوبر الماضي، غير أنه سرعان ما اكتشفنا أن هذه الأمطار كانت محدودة في الزمن ولم تتسم بالاستمرارية”.

وأشار فاسح إلى أن “مجموعة من التقارير الدولية كانت قد نبهت إلى أن المغرب يوجد في مقدمة دول العالم الأكثر عرضة للتغيرات المناخية على المدى القريب والمتوسط والبعيد. وبالتالي، فإن التدبير الحكومي لمشكل المياه بالدرجة الأولى، وفي ظل المتغيرات الحالية والمستقبلية، أضحى ضرورة ملحة”، لافتا في الوقت ذاته إلى “ضرورة الإسراع باستكمال مشاريع تحلية مياه البحر لتجاوز مشكل تراجع حقينة السدود التي بدا مخزونها المائي يعرف تراجعا مقلقا في السنوات الأخيرة أمام توالي سنوات الجفاف وقلة التساقطات”.

في الصدد ذاته، أوضح المتحدث أن “مسألة الجفاف في المغرب أضحت هيكلية ليس فقط بالنسبة للمملكة، بل أيضا لمجموعة من الدول الأوروبية، خاصة دول جنوب أوروبا التي تأثرت هي الأخرى بالتغيرات المناخية، وهو ما يتطلب من جميع الدول المعنية بهذا التحدي البيئي أن ترفع مستوى تأهبها، وبالتالي محاولة التكيف مع هذه التغيرات”، موردا أن “المغرب واع بهذه المسألة نظرا لارتباطها الوثيق بالقطاع الفلاحي باعتباره قطاعا حيويا في الاقتصاد الوطني، إضافة إلى ارتباطها أيضا بالأمن الغذائي والأمن المائي للمغاربة”.

وخلص فاسح إلى أن “المغرب مطالب بإعلان حالة الطوارئ المناخية؛ لأن أي تأخر في تنزيل السّياسات الاستعجاليّة للتعاطي مع هذه المتغيرات المناخيّة سنؤدي تكلفته غاليا على مستوى النمو الاقتصادي للبلاد، وأيّ إغفال للبعد البيئي ستكون له آثار وخيمة على مستوى الاقتصاد واستدامة المشاريع التنموية المغربية، التي تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى وقفة تأمل عاجلة بما أن الأوضاع صارت مقلقة للغاية”.

The post إعلان “الطوارئ المناخية” في المغرب appeared first on أريفينو.نت.

Post a Comment

أحدث أقدم