حَب الشّباب
المخفي منها أكبر من الظاهر… كيف يشرحها الطب وما هو العلاج؟
تتعدد مشاكل البشرة التي تقف عائقًا أمام الكثير من الشباب والشابات وربما لا يجدون لها حلاً، ومن أكثر هذه المشاكل حَب الشباب الذي يصنّف على أنه مرض جلدي مزمن وهو ما يجعل الشاب يشعر بالقلق لما يسببه من ظهور البثور والرؤوس السوداء فيشعر بالحرج وعدم الرضا عن المظهر الشخصي.
حَب الشباب هو عبارة عن التهاب في الغدد الدهنية وبصيلات الشعر وينتشر في مناطق الوجه والصدر والعنق والظهر والكتفين. وهو مرض غير معد، يصيب غالبية الشباب في سن 11 إلى 25 سنة، ومن الممكن أن يصيب الكبار أيضاً، خاصة السيدات اللاتي يعانين من اضطراب هرموني، وفي الأغلب فإن حَب الشباب يختفي بعد مرور سنوات عدة من ظهوره حتى بدون تلقي علاجات، لكن المشكلة تكمن في أن عدم علاج حَب الشباب يعطي فرصة لحدوث آثار مثل الندبات، البقع أو التصبّغات وقد تحتاج إلى علاج تجميلي في مرحلة لاحقة. من خصائص حَب الشباب أنه غير خطير، ومع ذلك فقد يصبح حاداً في بعض الحالات، حيث يمكن أن يتسبب في حدوث طفح جلدي بسبب إلتهاب حول الغدد الدهنية. تظهر بشكل بارز في الوجه والظهر، وتفرز الغدد الدهنية الدهون، وهي مادة زيتية سميكة تجعل البشرة دهنية.
يظهر حَب الشباب عندما يحدث انسداداً في الغدد ما يعوق تدفق الدهون بسبب خلايا الجلد. والإنسداد الكامل ينتج عنه ظهور حبوب ذات لون فاتح (الحبوب ذات الرؤوس البيضاء)؛ الإنسداد الجزئي يؤدي إلى بقعة داكنة اللون (الحبوب ذات الرؤوس السوداء). البكتيريا الموجودة على سطح الجلد قد تتسبب في حدوث عدوى في الحبوب ذات الرؤوس البيضاء أو ذات الرؤوس السوداء، وينتج عن تلك العدوى القيح أو الصديد وتتسبب في حدوث البثرة. في الحالات الشديدة المعروفة باسم حَب الشباب الكيسي، تظهر كتل مؤلمة أرجوانية اللون.
يعتبر حَب الشباب غير ضار بصفة عامة ويستجيب للعلاج إلا في الحالات واسعة الإنتشار والتي تسبب البثور الجلدية، الخراجات، أو الندوب. من الشائع ظهور حَب الشباب أثناء مرحلة المراهقة ويمكن أن يتسبب في حدوث معاناة نفسية. عند بلوغ سن العشرين قد تنخفض نسبة ظهور الطفح الجلدي أو قد تستمر كما هي. عند النساء قد يظهر حَب الشباب في العشرينات أو في عمر الثلاثين. الظهور غير المبرر لحَب الشباب في كبار السن قد يكون دلالة على وجود مشكلة كامنة وأكثر خطورة. إن مشكلة حَب الشباب ليست بالخطيرة، ولكن يمكن أن تسبب آثاراً قد تصاحب الإنسان في ما تبقى من عمره، لذلك علاجها بطريقة فعالة هو أكبر ضمان لترك أقل أثر ممكن على وجوه المرضى.
هناك عدة عوامل تتكامل وتؤدي إلى ظهور حَب الشباب أهمها:
العوامل الهرمونية
إن وجود غدد دهنية نشيطة هو شرط أساسي لظهور حَب الشباب الذي يصيب الغدد الدهنية النشيطة فقط، وقد ثبت علمياً أن الهرمون الذكري وهو الأندروجين هو الهرمون المنبه للغدد الدهنية في الذكور وفي الإناث أيضاً ومصادره هي الخصيتان في الذكور والمبيضان والغدة فوق الكلوية في الإناث. ومن الملاحظ أن حَب الشباب لا يصيب المرضى الذين يعانون من نقص في إفراز هرمون الذكورة بينما يبدأ في الظهور بعد بدء العلاج التعويضي بذلك الهرمون ويلاحظ انتكاس المرض في الفتيات مع كل دورة طمثية.
العوامل الميكروبية
تعيش بعض الميكروبات بصفة طبيعية على سطح الجلد وفي فوهات الجريبات الشعرية الدهنية وهي تتعايش مع الإنسان ولا تسبب له متاعب في العادة ويعيش أحد تلك الميكروبات داخل فوهة الغدة الدهنية ويتكاثر مع زيادة الإفرازات الدهنية وينتج ذلك الميكروب عند تكاثره مواد التهابية فتسبب التهابات حولها.
العوامل الوراثية
لوحظ في كثير من الحالات أن المصاب بحَب الشباب ينحدر من أبوين كان قد أصاب أحدهما أو كلاهما المرض كما لوحظ وجود استعداد خاص للإصابة بالمرض لدى بعض الأسر.
العوامل الغذائية
لم يثبت وجود علاقة بين الإكثار من تناول المواد الدهنية والمأكولات الدسمة والشوكولا وظهور أو زيادة حدة حَب الشباب – كما كان يعتقد في الماضي؛ لذلك لا داعي لامتناع مرضى حَب الشباب عن تناول تلك الأصناف.
الأسباب
لكن لماذا يظهر حَب الشباب؟ تتركّز أهم أسباب ظهور حَب الشباب فيما يلي:
- إضطرابات الهرمونات التي تسبب زيادة في نشاط الغدد الدهنية.
- القلق والتوتر الشديدين.
- إستعمال مساحيق التجميل الرديئة التي تسبب غلق مسام البشرة نتيجة تراكم البكتيريا.
- إستعمال حبوب منع الحمل التي تحتوي على هرمونات الأندروجين (androgen) أو هرمونات الذكورة.
- العادات الغذائية الخاطئة وعدم إنتظام ساعات تناول الطعام.
- الإفراط في استهلاك المواد النشوية والسكريات، والأطعمة المقلية والدهنية.
- الإمساك المزمن الذي يسبب تجمع المواد السامة في الدم، ما يجعل الجلد يبذل مجهوداً أكبر للتخلص من تلك المواد السامة، الأمر الذي ينتج عنه ظهور حَب الشباب وغيره من أشكال الأمراض الجلدية.
- تسمم الجلد نتيجة للعادات الصحية الخاطئة، والإفراط في استهلاك المشروبات الغنية بالكافيين كالشاي والقهوة والمياه الغازية، وكذلك تناول المشروبات الكحولية والتدخين، وعدم ممارسة الرياضة.
مشاكل نفسية
يسبّب حَب الشباب آثاراً نفسية على المصابين، ما يدفعهم للحرج، وعدم الخروج أمام الناس، ويتفاقم الأمر إذا تركت هذه البقع أو الندب علامات على البشرة. ويسبب حَب الشباب الكثير من الإضطرابات الإجتماعية والنفسية مثل الإكتئاب وعدم الثقة في النفس والقلق لان الجلد هو واجهة الإنسان كما يُعتبر مرآة للجمال، وحَب الشباب من الأمراض الجلدية المسببة لهذه الإضطرابات. الجدير بالذكر أن حَب الشباب يعتبر من أكثر الأمراض الجلدية شيوعاً إلا أن دراسات قليلة فقط ركّزت على التأثير النفسي له مثل الإكتئاب والقلق والعواطف واضطرابات الشخصية والعلاقات الإجتماعية. وقد أثبتت دراسة أجريت على المرضى لمعرفة مدى تأثير حَب الشباب على طبيعة حياتهم ومقارنة هذا التأثير مع تأثير أمراض أخرى على طبيعة حياة المريض كالربو المزمن والشديد وحالات الصرع ومرض السكر والتهاب المفاصل، ووُجد أن نسبة تأثر طبيعة حياة المريض بحَب الشباب مساوية لنسبة تأثر حياة المرضى بهذه الأمراض.
ووجدت الدراسة أن المرضى المصابين بحَب الشباب لفترة تتجاوز العشر سنوات تضرّروا نفسياً بقدرٍ كبيرٍ بالمقارنة مع الآخرين. ولوحظ أن الكثير من مرضى حَب الشباب يشتكون من زيادة في حدة حَب الشباب عند تعرضهم لضغوط نفسية أو مشكلات نفسية.
أثبتت الدراسات أيضاً أن مرضى حَب الشباب يسجلون مستويات أعلى من حيث القلق والإكتئاب بالمقارنة مع فئات المجتمع غير المصابة أو حتى بعض المرضى المصابين بأمراض جلدية أخرى أو أمراض غير جلدية مثل السرطان.
وقد يتساءل البعض لماذا تؤدي حبوب الشباب إلى مضاعفات نفسية وعصبية؟ والإجابة في أن حَب الشباب يصيب بشكل أكبر المراهقين وما تنطوي عليه شخصية المراهقين النامية من عدم القدرة أصلاً على تحمل الضغوط الخارجية، وتكون العواطف في الغالب خلال فترة المراهقة مضخمة وفي بعض الأحيان ترتكز على صورة النفس الخارجية. ولكن تختلف مع اختلاف الشخصية من فرد إلى آخر. كما أن حَب الشباب يصيب غالباً منطقة الوجه وقد يسبب تشوهات أو ندوباً خصوصاً في الحالات الشديدة.
العلاج
يتطلب علاج مشكلة حَب الشباب وقتاً طويلاً، ومداومة على استعمال العلاج تحت إشراف الطبيب المختص، ومن أشهر طرق العلاج:
العلاج بالفيتامينات: أظهر استخدام فيتامين أ (A)، وفيتامين هـ (E)، وفيتامين ب 3 (B3) المعروف علمياً باسم Niacin نجاحاً كبيراً في علاج مشكلة حَب الشباب، حيث يتم أخذ كبسولات تحتوي على هذه الفيتامينات بجرعات يحددها الطبيب. كذلك يمكن تدعيم النظام الغذائي بالأطعمة الغنية بهذه الفيتامينات، فعلى سبيل المثال، تعتبر السبانخ والهليون والبروكلي والفطر من أفضل الأغذية الغنية بالنياسين. كما أن الجزر، والبطاطا، والكانتالوب، والكبد من الأغذية التي تحتوي على كميات كبيرة من فيتامين أ.
العلاج بالزنك: يتوفر الزنك على هيئة أقراص أو كبسولات، ويتم تحديد الجرعة تبعاً للحالة وتوجيهات الطبيب المعالج، لكن العلاج بالزنك يستغرق فترة تتراوح ما بين شهر واحد إلى ثلاثة أشهر حتى تظهر نتائج ملموسة، ويمكن أيضاً تدعيم النظام الغذائي بالأغذية التي تحتوي الزنك مثل المكسرات كالكاجو والصنوبر التي تضيف نكهات لذيذة للطعام بالإضافة إلى قيمتها الغذائية الكبيرة.
ومن الخطوات التي يجب اتباعها:
- يُنصح دائماً بغسل البشرة بشكل دوري باستخدام صابون غير معطر لإزالة الدهون، مع الأخذ بعين الإعتبار أن الإكثار منه قد يتسبب في تهيج البشرة ما يزيد من سوء حالة حَب الشباب.
- الحلول الموضعية التي تؤدي إلى جفاف الجلد وتعزيز تقشير الجلد وقتل البكتيريا تؤدي إلى تحسن حالة حَب الشباب. عادةً ما تحتوي التحضيرات بدون وصفة طبية على حمض الساليسيلك أو البنزويل بيروكسايد.
- يمكن إعطاء وصفة طبية باستخدام أشكال عدة مختلفة من فيتامين ) أ ( المصنّع والتي يمكن استخدامها موضعياً.
- في الحالات الأكثر شدة، يمكن وصف المضادات الحيوية الموضعية أو عن طريق الفم مثل التتراسيكلين والإريثروميسين.
- في الحالات شديدة المقاومة للمضادات الحيوية، يمكن استخدام احدى مشتقات فيتامين ) أ ( السائلة، ايزوترتينوين. يمكن أن يتسبب العلاج بهذا العقار ضرر شديد للأجنة. لذلك يجب استخدامه بحذر شديد للتأكد من عدم حدوث حمل أثناء فترة العلاج. من الآثار الجانبية لدواء ايزوترتينوين أيضاً، أنه يجب مراقبة المريض اثناء فترة العلاج بواسطة طبيب باستخدام زيارات شهرية واختبارات للدم.
- بعد السيطرة تماماً على حَب الشباب، يمكن علاج الندبات مع الجراحة العادية أو الليزر، أو إجراء علاج سطح الجلد المسمي dermabrasion.
The post حَب الشّباب appeared first on The Arab Hospital Magazine.