تعاني الكثير من النساء (وحتى الرجال في بعض الحالات) من عرض خروج الحليب من الثدي، أو ما يطلق عليه ثرّ الحليب، وذلك في أوقات مختلفة غير المعتادة لدى المرأة بعد الولادة، ولذلك فإنّ كثيراً من الأسئلة يتمّ طرحها من قبل من يواجهون هذه الحالة، أهمّها سؤال هل خروج حليب من الثدي دليل على ارتفاع هرمون الحليب، والذي يسمّى علمياً بهرمون البرولاكتين، والذي يفرز من الغدة النخامية، بالإضافة إلى مجموعة من الأسئلة الأخرى الهامة من مثال: هل خروج الحليب من الثدي دليل على ارتفاع هرمون الحليب عند الرجال أو الأطفال؟ سنتعرف في مقالنا اليوم على هرمون الحليب المسؤول عن إفراز الحليب، ونجاوب على جميع الأسئلة السابقة.
ما هو هرمون الحليب؟
الهرمون المسؤول عن إفراز الحليب، والذي يدعوه الناس بهرمون الحليب، ويسمّى في الأوساط الطبية بهرمون البرولاكتين، هو أحد أهمّ الهرمونات التي تفرز في جسم الإنسان، حيث يتمّ إنتاجه وإفرازه في الغدّة النخامية في السرج التركي أسفل الدماغ، وتتحكّم المراكز العصبية المتمثّلة بالوطاء المجاور للغدة النخامية بعملية الإفراز وكمّيتها بشكل مباشر من خلال الناقل العصبي الدوبامين (وبالتالي فإن التحكّم في إنتاج هرمون الحليب يعتمد في بعض الأحيان على التأثير على الدوبامين الواصل من الوطاء إلى الغدة النخامية)، وينتقل هرمون الحليب منها إلى الدم ويصل عبره إلى الغدد المفرزة للحليب في الثدي، فيحفّز عملية إنتاج الحليب.
هل خروج حليب من الثدي دليل على ارتفاع هرمون الحليب عند النساء؟
في الواقع، إجابةً على سؤال هل خروج حليب من الثدي دليل على ارتفاع هرمون الحليب، فإنّ معظم حالات خروج الحليب من ثدي المرأة تترافق بزيادة واضحة الأثر في تركيز هرمون الحليب (البرولاكتين) في الدمّ، ولكنّ ثرّ الحليب قد يكون في بعض الأحيان مجهول السبب، أي أنّ مستويات هرمون الحليب تكون طبيعية في الجسم، ومع ذلك يخرج الحليب من الثدي، ويعتقد العلماء أن سبب خروج الحليب من الثدي في هذه الحالة هو الحساسية المفرطة لهرمون الحليب ضمن خلايا غدة الثدي، ويذكر أنّ إفراز الحليب خارج أوقات الحمل من الممكن أن يكون ناتجاً عن عدد كبير من العوامل المختلفة، أهمّها:
- بعض أنواع الأدوية كالمهدئات ومضادات الانفصام وأدوية ارتفاع الضغط.
- المنتجات الأفيونية.
- التعب والإجهاد.
- بعد العمليات الجراحية.
- التحفيز المتكرر للثدي، سواءً بشكل جنسي أو الحك الذاتي المستمر للغدة.
- الأورام المفرزة للبرولاكتين (هرمون الحليب) في الغدة النخامية.
- حبوب منع الحمل.
- الأذية الكلوية المزمنة.
- قصور الغدة الدرقية.
هل خروج حليب من الثدي دليل على ارتفاع هرمون الحليب عند الرجال؟
يعود السبب الأساسي لخروج الحليب من الثدي عند الرجال، (وهي ظاهرة تحدث بشكل نادر) غالباً إلى انخفاض واضح في مستويات التستوسترون؛ هرمون الذكورة عند الرجال المفرز بشكل أساسي من الخصيتين بتأثير وإشراف مباشر من الغدة النخامية، حيث يلاحظ لدى المريض الذكر في هذه الحالة وجود تثدّي واضح؛ أي زيادة في طراوة الثدي لدى الرجل مع زيادة واضحة في حجمه، بالإضافة إلى ضعف جنسي وعنانة، وانخفاض في الرغبة الجنسية ناجمة أيضاً عن أعراض انخفاض التسوستيرون، رفقة مشاكل في الانتصاب.
هل خروج حليب من الثدي دليل على ارتفاع هرمون الحليب عند الأطفال؟
أحد أهمّ الأسئلة التي يوجهها الأهالي للأطباء حين ولادة أطفالهم الرضّع هي هل يدل خروج حليب من الثدي على ارتفاع هرمون الحليب عند الأطفال؟ والإجابة على ذلك هي أنّه رغم ندرة الحالة إلا إنّها واردة الحدوث، والسبب في ذلك يعود بشكل أساسي لوجود كمية كبيرة نسبياً من هرمون الإستروجين من دم الأمّ قبل الولادة، ولكن حدوث خروج للحليب من الثدي عن الأطفال الرضع هو أمر غير مخيف، فسرعان ما سيتوقف خروج الحليب، وتعود الأمور إلى نصابها الطبيعي.
ما هي أعراض ارتفاع هرمون الحليب (البرولاكتين)؟
لا يقتصر أثر هرمون الحليب على إفراز الحليب من غدة الثدي، بل له عدد من الآثار الأخرى المختلفة على أجهزة أخرى في الجسم، ولذا سنستعرض عدداً من أهمّ أعراض ارتفاع هرمون الحليب (البرولاكتين) الأخرى:
- نقص الخصوبة والعقم، وذلك بسبب أثر البرولاكتين المثبط للهرمونات المحفزة للغدد التناسلية، والمفرزة من قبل الغدة النخامية.
- اضطراب الدورات الطمثية، كتباعد الطموث وانقطاع الطمث غير المتعلق بسن اليأس.
- فقدان الرغبة في الجنس ومشاكل الانتصاب والعنانة لدى الذكور، وآلام في العملية الجنسية لدى الإناث نتيجة جفاف الأغشية المخاطية في المهبل.
- انخفاض في مستويات التستوستيرون، ونمو النسيج الغدي في الثدي بشكل غير طبيعي لدى الذكور.
ما الذي يجب القيام به في حال خروج الحليب من الثدي خارج أوقات الإرضاع؟
بعد أن بيّنا أن خروج حليب من الثدي دليل على ارتفاع هرمون الحليب في معظم الأوقات، لا بد لنا أن ننوه إلى الإجراءات الواجب اتّباعها في حال خروج الحليب من الثدي خارج أوقات الإرضاع، وذلك حتى يتسنّى لنا اتّخاذ الإجراء الأفضل الذي يصبّ في صالح من ظهر عليه العرض:
- التوجه بشكل مباشر للطبيب المختص، وذلك للإشراف على الحالة لما قد يكون لها من دلالات بعضها يصل لمستوى الخطورة.
- إجراء التحاليل الدموية لمعرفة مستويات هرمون الحليب بشكل أساسي، إضافة إلى مستويات الهرمونات الذكورية و الأثنوية الأخرى (التستوستيرون والأستروجين).
- إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي في بعض الحالات في حال الشك بالإصابة بورم مفرز للبرولاكتين في الغدة النخامية.
- تحرّي وجود سرطان في غدة الثدي، وإجراء الصور الشعاعية اللازمة لنفي ذلك.
- تحليل السائل الخارج من الثدي والتأكّد من كونه حليب.
- مراجعة الأدوية والمستخلصات العشبية التي يتناولها المريض والتدقيق فيها بحثاً عن المصدر المحتمل للخلل في تراكيز هرمون الحليب.
وفي الختام، وجدنا أنّ جواب السؤال المهمّ: هل خروج حليب من الثدي دليل على ارتفاع هرمون الحليب؟ يختلف حسب حالة المريضة/المريض وعمره، ولكنّه في معظم الأحوال يكون دليلاً كافياً على ارتفاع هرمون الحليب في الدم.